صلاح بن عياد: الكاتب
12 ماي 1881، يُمضي محمّد صادق باي معاهدة الحماية الفرنسيّة على تونس أفقدت المملكة التونسيّة سيادتها. لم يلزم التّونسيّون الصّمت. تتالت ردود أفعال القبائل شمال وجنوب البلاد. نرصد في هذه الرّواية ردود أفعال قبائل الشّمال الغربي والّتي تُعدّ من أولى مظاهر الغضب وبداية نشوب ما سنسمّيه لاحقا "حركة التّحرّر الوطني". استدعى ملك تونس "محمد صادق باشا باي" القائد علي بن عمّار العيّاري أو البازي وهو حبيس الكرّاكة في حلق الوادي البحريّة على إثر مشاركته في ثورة علي بن غذاهم الشعبيّة سنة 1864 ليكلّفه بإخماد تحرّكات قبائل الشّمال الغربي مقابل الافراج عنه، لكنّ علي بن عمار الحامل لنقمة كلّ التّونسيين آنذاك تجاه التّدخل الفرنسي في تونس وقد وصله صدى جرائم الفرنسيس بالجارة الجزائر راح يؤلّب تلك القبائل عوض أن يهدّئها. التفّ حوله من فرسان تونس ما يكفي كي يتعطّل الزّحف الفرنسي، ولتنشب معارك خاضها القائد علي بن عمّار وأتباعه بكلّ بطولة على مدى أكثر من سنتين. انتهت بمحاصرته في أجواز الحمادة بولاية سليانة حاليّا، فرّ القائد علي إلى ليبيا صحبة آخرين ومنهم علي بن خليفة النّفاتي لينتظروا دعما عثمانيّا موعودا لم يأتِ. عاد القائد علي أدراجه وسلّم سلاحه بكلّ مرارة وأنهى عمره في دوّاره الّتي يسمى اليوم "دير علي بن عمّار" بأحواز مدينة مكثر الأثريّة. وافاه الأجل سنة نهاية سنة 1883 ودُفن بزيّ الفارس. لكنّه خلّف في تلك القبائل شعلة لم تنطفئ إلاّ بطرد آخر جنديّ فرنسي.