فرج الحوار : الكاتب
ان هذه الرواية تهزنا بالطريقة التي بها تزاوُج بين متن النص والحكاية في ذاتها، وما يسميه البعض النص الموازي، وهي مجموعة عناصر توجه القارئ من البداية في اكتشافه الرواية. فبادئ ذي بدء نجد العنوان الذي يختزن كل شيء"المنسية1441" تسمية مجازية تُزاوج في المركب نفسه بين المكان المُسمى والحالة التي تُرك بها، أي النسيان. تسمية تُعين مكانا يتخبط في المعاناة والألم التراجيدي اليومي الذي يكوَن سديم هذه الحكاية. وأُتبع هذا الاسم بعدد بأرقام عربية هو بالأحرى أقرب الى الابداع الهزلي منه الى الإشارة الرقمية: فهذا العدد، الذي يدل لا محالة على السنة الهجرية، يكون بيُسر موضوع لعبة تناظر تجعل منه ضربا من اللفظ المقروء طردا وعكسا، أو موضوع مقاربات تنجيمية هي الأقرب الى العدادة منها الى الدقة المميزة للضبط التاريخي. فيمكن ان نرى فيه على سبيل المثال تكرار للرقم5، أو ببساطة رمزية رقمية نواتها تتكون من مضاعفة الرقم 4، ويلفها من الجانبين الرقم1 الذي يحيل على الوحدانية، تلك الوحدانية التي فيها تنصهر جميع الهويات واليها يفترض أن ينحو التعدد. مع شخصيات المنسية 1441، تُدفع الى أقصى تقنيات الكاريكاتور على طريقة "دوميي". فمن غير ملامح بارزة، تُصور الشخصيات بسمات تقريبية في أسلوب يتنازعه شُح الحركة وكثافة التعبير. فجميع الشخصيات مختزلة في هذه السمة أو تلك السمات المشتركة بين جماعة المؤمنين التي تتماهى معها، وان حلا للكاتب أحيانا أن يُبالغ في بعض السمات موحيا بالطابع العرائسي لبعض الشخصيات التي يتنافر قولها وسلوكها وطريقة القاءها تمام التنافر. وفي هذا الصدد تُمثل صورة الطبيب الذي "نذر نفسه للقضية" نموذجا شاهدا على مهارة كاتب يُقدر تشكيل فواعل روايته تشكيلا دقيقا: ايجاز في العبارة وكثافة في الايحاء ودعابة مثيرة للشفقة، كل ذلك يغمس الشخصيات في وضعية بشرية تفرض فيها الدعابة نفسها بما هي "لياقة اليأس. د. صالح الماجري/السوربون/فرنسا