د.جلال الدريدي : الكاتب
لا يمكن الفصل في القول الهيثمي بين النظر الفلسفي و الكشف العلمي ذلك أنَ العالِم يبقي في حاجة إلى اسئلة الفيلسوف و انَ الفيلسوف يبقى في حاجة إلى منجزات العقل العلمي في التاريخ. و بصرف النظر عن إلتقاء الافكار و تحولها, فإن العمل الذي قدمه ابن الهيثم كشف لنا عموما انَ البحث العلمي لا يحدث في الفراغ, و إنما يحدث في اطار من الافكار الموجهة و القيم الفلسفية. و هذا يعني انه على النقيض ممن يرى انَ العلم تحرر من الفلسفة مع ثورة القرن السابع, يؤكد كويريه عدم انفصال الفكر العلمي عن الفكر الفلسفي و تاثيرها المتبادل فيما بينهما. و يعيب كويريه على المقاربة الوضعية و على عدد من المؤرخين إهمالهم التاثير الهام الذي مارسته التصورات الفكرية و الفلسفية في النظريات العلمية, و هو تأثير لا تقل أهميته عن تأثير النظريات العلمية في الفلسفة. و لعل مثل هذا اللقاء بين العلم و الفلسفة يلقى دلالاته القصوى في تعبير بوانكاريه القائل: "إن لحظة الابداع, هي اللحظة التي يلتقي فيها الفنان و العالِم و الفيلسوف."